سعودة الوظائف… ووهم التطبيق!




طارق البوعينين

قضية العمل والبطالة من القضايا التي تطرق باستمرار وتُأرق بشكل ملحوظ, كونها من الأهمية بمكان وهي حاجة لا ينفك عنها الإنسان ولأنها مصدر رزق لطالب العمل ولمن يعول. والمتأمل في القضية إعلامياً يلحظ أن غالبية التركيز عليها من جانب طالب العمل, في محاولة لإيقاع اللوم بالأغلبية عليه وإيضاح أن غاية ما في الأمر أنها قضية فكر وقناعات وثقافة مجتمع, فما يراه الشاب السعودي من أنه عيب أو لا يليق به من الناحية الإجتماعية أو أن العمل مما يزاوله المقيم أو أصحاب الدخل المحدود, يتطلب تغيير واستبدال لهذا الفكر -بما أن العمل في نفسه ليس بمحرم ولا ممنوع نظامياً-.
وفي المقابل يرى بعض المتابعين أن السنوات الأخيرة كانت تمثل منعطف كبير في مسيرة العمل في المملكة كون الجهود التي بذلت بشكل مستمر ومنقطع النظير _ وإن لم تؤتي أكلها – مع ما يعانيه الكثير من ظروف الحياة القاسية,غيرت بعض المفاهيم والنظرة الدونية لبعض الأعمال, إلا أن الأهم من ذلك أنها غيرت من مفاهيم أصحاب العمل بشكل كبير, ما جعلهم يتطلعون إلى الشاب السعودي كبديل للأجنبي وإن كاننت الوظائف في نفسها ليست مما يميل لها الشاب السعودي.
قبل سنوات حضرت لقاء لأحد رجال الأعمال بمناسبة ترشحه لعضوية الغرفة التجارية بالمنطقة الشرقية ومما تم عرضه من خلال شاشة العرض إحتقال مسجل تم تنظيمه من قبل الشركة بحضور الأستاذ نجيب الزامل وكان الإحتفال بمناسبة إنضمام شاب سعودي لطاقم الشركة, فقد ذكر مدير الشركة في كلمته بأن الشركة تقيم حفل لكل موظف سعودي ينضم إليها تقديراً له وابتهاجاً به وكحافز له, وبذلك استطاعة الشركة أن تحقق نسبة سعودة تجاوزت 90 % في الشركة ومرافقها.
وبغض النظر عن العائد المادي الذي يقُدم للموظف في هذه الشركة إلا أن التقدير والإعتبار يلعبان دوراً كبيرا في استقطاب الشاب السعودي, فهذه النماذج من الشركات لا ترى في الموظف السعودي مجرد وسيلة للحصول على النطاقات الخضراء أو تسهيل خدماتها لدى وزارة العمل فقط, بل إن استشعار المسؤولية الإجتماعية وواجب رجال الأعمال تجاه هذا الوطن وأبنائه هو ما حدى بهذه الشركة إلى إبتكار هذه الطريقة في معاملة الموظفين الجدد وهي أيضاً علامة فارقة بين أصحاب العمل بعضهم البعض, في نظرتهم للشاب السعودي و إمكانياته في مواجهة تحديات العمل ومتطلباته, وقدرته على المشاركة في بناء منظومة عمل متكاملة تخدم صاحب العمل والوطن بشكل عام .
أكاد أجزم أن الشاب السعودي لن يمتنع من مزاولة أي وظيفة أو عمل مهما كبر أو صغر ومهما كانت نظرة الناس له ومهما كان كلام الناس عنه كعامل نظافة أو بائع في متجر أو غيره, ولكن بشرط أن يكون المقابل بما يتلائم مع طبيعة وظروف حياة الفرد السعودي , فليس من المعقول أن ندعو الشاب لمزاولة مثل هذه الأعمال وأن يكون المقابل بما يتفق مع ظروف وطبيعة حياة العامل الأجنبي. فالأجنبي بإمكانه التأقلم مع الدخل المتدني, كما أن ظروف العيش التي نشأ عليها تسمح له وطبيعة حياته وتكاليفها في موطنه تلائم هذا المقابل في حين أن الشاب السعودي لن يلائمه هذا المقابل ليس لأنه يفتقد القناعة ولكن لأن طبيعة الحياة في مجتمعنا تتطلب مقابل أعلى بكثير مما يتقاضاه الأجنبي ففي دراسة قامت بها مؤسسة الملك خالد الخيرية تمت قبل سنوات على 10 آلاف أسرة سعودية من مختلف مناطق السعودية،بينت أن الحد الذي يمكن عنده للأفراد أو للأسر أن يعيشوا حياة كريمة، ولا يحتاجوا إلى أي مساعدات إضافية، يبلغ 8926 ريالا شهرياً فهل عامل النظافة السعودي أو الحلاق السعودي أو الخياط السعودي سيُدفع له مثل هذا المبلغ أو قريب منه؟



http://ift.tt/1WrIli2


from منتدى السعودية للسعوديين اولاً
سيو

0 التعليقات: