2014 عام «الدولة الإسلامية» و2015 سيضعف التنظيم ويدمره… ومخاطر الصوملة واضحة في سوريا
2014 عام «الدولة الإسلامية» و2015 سيضعف التنظيم ويدمره… ومخاطر الصوملة واضحة في سوريا
december 30, 2014
لندن ـ «القدس العربي» إعداد إبراهيم درويش: ما هي توقعات العام المقبل 2015 وأهم الأحداث التي ستكون على أجندة الساسة في العالم؟ اسئلة يطرحها الباحثون في مراكز البحث «ثينك تانك» التي تؤثر على صناعة القرار العالمي.
وبحسب جيمس ليندزي، نائب مدير البحث في «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكي، فسيكون العام المقبل عام اضطرابات حيث تتواصل فيه نزاعات عام 2014 من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط فيما يجب عدم تجاهل المشاكل الاقتصادية في أوروبا والصين واليابان.
وحذر من صعود قوة حزب يميني مستقل في الانتخابات البريطانية المقبلة. ومن بين المصاعب التي تنتظر العالم في مقبل الأيام آثار قرار الولايات المتحدة إعادة العلاقات مع كوبا بعد أكثر من نصف قرن نزاع يعطي أملا خاصة بعد رفع قرار حظر التبادل التجاري مع هافانا.
وأشار ليندزي لنقاط النزاع الساخنة التي ستظل في عناوين الأخبار وهي بالإضافة لأوكرانيا، التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين خاصة ما حدث في الصيف الماضي حول الأماكن المقدسة في القدس، وتداعيات سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على شرق سوريا وشمال العراق، بالإضافة للنقاط الساخنة التي تشتعل ثم تختفي في بحر الصين الجنوبي، وكوريا الشمالية والتوتر المستمر بين الهند والباكستان.
ويترافق هذا مع حالة من القلق الاقتصادي في أوروبا واليابان والتي قد تقود لفترة كساد عام. وتعاني الصين من بطء في النمو الاقتصادي أما الدول المنتجة للنفط من روسيا إلى نيجيريا وفنزويلا فتئن تحت وطأة تراجع أسعار النفط.
ويعتقد ليندزي أن النقطة المضيئة الوحيدة في العالم هي الولايات المتحدة والسؤال يظل فيما إن كانت قادرة على مواصلة النمو الاقتصادي، خاصة بعد نتائج الانتخابات النصفية وفوز الجمهوريين فيها.
العراق لا يريد تركنا
وفي الوقت الذي يرى فيه ليندزي مسار العلاقات الأمريكية – الروسية في أدنى حالاتها إلا أنه يرى أن البلدين تعاونا في عدد من الملفات مثل أفغانستان والملف النووي الإيراني ومع ذاك فتعيش العلاقات أسوأ حالاتها منذ الحرب الباردة.
ويشير إلى استمرار تخفيض القوات الأمريكية في أفغانستان وعودتها من جديد إلى العراق تعني أن البلدين لن يختفيا من أجندة السياسة الأمريكية. فالولايات المتحدة ستواصل جهودها في تدريب القوات الأفغانية رغم أن مستقبل البلاد سيظل على المحك، في ظل مخاوف من عودة طالبان.
وبالنسبة للعراق فقد حاول الرئيس باراك أوباما الحفاظ على وعده الذي خاض الانتخابات الرئاسية بناء عليه عام 2008 وهو سحب القوات الأمريكية من العراق. في الوقت الذي سحب فيه القوات عام 2011 إلا أن «العراق لا يريد تركنا».
وفيه يواجه الرئيس أوباما كما يقول ليندزي «التحدي الأصعب» فهو «مهتم بما يجري في العراق، خاصة التحدي بعيد المدى الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الوقت نفسه فهو متردد في الالتزام الكامل بالحرب وإرسال قوات برية.
وبناء عليه فنحن نعتمد على استرتيجية تمزج بين المستشارين العسكريين والغارات الجوية لإضعاف وتدمير قدرات تنظيم الدولة، وليس من الواضح أن هذه الاستراتيجية قد أثمرت ثمارها سريعا. ومن هنا تحاول استراتيجية الإدارة دفع أصدقائنا في المنطقة إلى القيام بجهود أكثر».
ويشير ليندزي لملمح مهم في الحملة ضد تنظيم الدولة وهو «الدور الذي تلعبه إيران في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية مما يجعل كل من الولايات المتحدة وإيران حلفاء فعليين في المعركة ضد تنظيم الدولة».
أفكار للمرحلة المقبلة
وبناء على هذا الواقع الجديد في العراق يرى السفير الأمريكي السابق في بغداد جيمس جيفري أن على الولايات المتحدة البدء بالتفكير في الخطوة المقبلة أو مرحلة ما بعد تنظيم الدولة.
ففي مقالة نشرها المعهد اليمني المعروف، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، يقول «بدأت المعركة ضد الدولة الإسلامية ويؤكد المسؤولون في واشنطن إنها ستكون معركة طويلة الأمد حتى في ظل الأولوية التي توليها إدارة أوباما للجبهة العراقية.
ومع ذلك فالنجاحات التي حققتها قوات البيشمركة والقوات الفدرالية التي تقودها الحكومة في بغداد تشير لتراجع في تقدم الجماعة الجهادية ومن المتوقع أن تؤدي إلى احتوائها وطردها في النهاية من تكريت والفلوجة والموصل».
وكما يحدث في أي عملية عسكرية فعندما تصبح للولايات المتحدة اليد العليا تتعاقب بعد الانتصارات تماما كما حدث مع تنظيم الدولة.
ويقول جيفري إن نجاحات التحالف لو استمرت فستؤدي لتدمير التنظيم كقوة مهمة في العراق، هذا في حالة توصلت الإدارة لإجابة عمن «سيقدم القوات البرية».
ومن الخيارات المطروحة، دمج 12 كتيبة من قوات الجيش العراقي والبيشمركة بعد تسليحها وتدريبها من جديد إلى جانب عناصر من العشائر السنية في «الحرس الوطني» إضافة لحضور أمريكي قوي في المواقع المتقدمة. وعندها يكون مناسبا البدء في التفكير لما سيحدث بعد.
ويجب على الولايات المتحدة تمتين انتصارها في العراق إن أرادت التقدم في سوريا ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» هناك، وضد الجهود الإيرانية المحتملة للاستفادة من النكسات التي سيتعرض لها التنظيم في العراق، وضد النزاعات الدينية التي ظلت تلاحق الدولة العراقية.
ومن أجل تمتين النجاح يقدم جيفري عددا من النقاط. الأولى تدعو الإدارة عدم التركيز على عملية مكتملة بدرجة تؤدي إلى تقويض فرص نجاحها، ففي الوقت الذي يعتبر فيه مشروعا الحديث عن كيفية إنهاء الخطر كما تساءل الجنرال ديفيد بترايوس عام 2003 «قل لي كيف ينتهي كل هذا؟» لكن سؤالا كهذا قد يؤدي لتعويق الحملة التي في طابعها ذات كلفة قليلة وبعدد قليل من الجنود وبدون ضحايا.
ويرتبط بهذه النقطة أمر ثان وهو أن الحملة العسكرية هي في حد ذاتها ليست وسيلة ولكنها نهاية. فالحرب ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» عملية ضرورية، فوقف تقدمه في العراق وسوريا سيؤدي لتشكيل الخيارات السياسية فيما بعد.
مشيرا لما قاله الرئيس أوباما في خطابه في أكاديمية «ويست بوينت» في أيار/مايو الماضي والذي قال فيه أن كل الأزمات لا تقتضي بالضرورة حلا عسكريا.
ويحذر جيفري قائلا أن أي حل سياسي يجب أن لا يكون مرتكزا على تحويل المنطقة ووقف تمردات على غرار التمرد الذي شنه تنظيم «الدولة الاسلامية» بل على مواصلة أمريكا دورها في دعم حلفائها والتصدي للإرهاب وحماية تدفق الطاقة ـ الغاز والنفط – وهذا عدا محاولة حل مشاكل المنطقة، فهي معقدة.
فقد حاولت واشنطن فعل هذا في مناطق تترواح من بيروت إلى مقديشو وعلى قاعدة واسعة في العراق وأفغانستان بنتائج أقل ما توصف بأنها ليست مرضية.
ويشير هنا إلى تحليل هنري كيسنجر في كتابه الجديد «النظام العالمي» والذي أشار فيه إلى ضعف بنية الدولة التي قام عليها النظام الغربي في الشرق الأوسط نتيجة للجذور الوطنية الهشة والهويات المحلية والدولية المتنافسة بما فيها حركات القومية العربية والجماعات الدينية القيامية مثل آيات الله في إيران وتنظيم «الدولة الاسلامية».
وهناك شك في داخل المجتمعات الغربية حول نقل التجارب الديمقراطية للمنطقة فيما تعارض قطاعات دينية واسعة تبني الأفكار الغربية عن الحكم.
أهل مكة أدرى بشعابها
وعليه، فأهل المنطقة هم أولى بحل مشاكلهم لا الغرب وفي مقدمته أمريكا. ويرى جيفري أن هذه النقطة تصلح في كل مكان في العالم لكنها أكثر صلة بالشرق الأوسط إن أخذنا عمق واتساع المشاكل التي تؤثر على النظام الداخلي فيه.
فالحداثة الاجتماعية الناشئة في ظل بنى وطنية ضعيفة تخلق مشاكل ضخمة يمكن للغرب المساعدة في حلها، ولكن بدون «صحوة» داخلية وبعيدة عن الحس القيامي وباتجاه بناء قيم سياسية مثل تلك التي تنتشر في بقية العالم لن يحدث تغيير أساسي على الواقع في المنطقة.
ودعا الكاتب الولايات المتحدة لتجنب القيام بعمليات فرض استقرار تقوم بها القوات الخاصة. فتجارب الولايات المتحدة في هذا السياق من فيتنام وما بعدها تعطي صورة عن نجاحات متفاوتة ومثيرة للتساؤل. حتى في الحالات التي لم يتعامل فيها السكان المحليون مع الأمريكيين كقوة محتلة، وتعاونت الدول الجارة لهم، وأظهر الأمريكيون صبرا.
ورغم هذا يرى الكاتب أن وجودا أمريكيا في المنطقة بما فيه العسكري ضروري من أجل التأكيد على النجاح في المدى البعيد. فمع ان الحل السياسي في العراق وسوريا، وإن كان صعبا في الوقت الحالي،إلا أنه ضروري لهزيمة تنظيم «الدولة الاسلامية».
وتتبع هذا سلسلة من الإصلاحات السياسية ولامركزة في الدولة ومشاركة عادلة في السلطة وتوزيعا عادلا للثروة.
ويشير لنجاح التجربة العراقية – الكردية ولكن توسيعها لتشمل المناطق السنية في العراق وإلى سوريا يقتضي تغيرا في الثقافة. وفي الوقت الذي تحتاج فيه هذه الترتيبات لغطاء من الأمم المتحدة إلا أن القوة العسكرية الضرورية لتأمينها يجب أن تأتي من الولايات المتحدة. مما يعني بقاء قوة أمريكية محدودة في العراق وبشكل محتمل في سوريا.
لا حل في سوريا
وتفترض أفكار جيفري نظاما للحل يسير حسب الخطة، وقد تكون قابلة للتطبيق في العراق، لكن في سوريا تبدو صعبة، في ظل القوى التي تتجاذب مصير سوريا، داخلية وخارجية، ومن هنا يرى جوشوا لانديز، الباحث المتخصص في شؤون سوريا والأستاذ بجامعة أوكلاهوما، ومحرر «سيريا كومنت» في توقعاته للواقع السوري أن سوريا ستتفكك أكثر في عام 2015. ويتوقع «صوملة» للبلاد طالما ظل المجتمع الدولي يضعف مراكز القوة في البلاد وفشلت المعارضة بالوحدة.
ويرى أن سوريا اليوم فيها أربع قوى ممثلة بنظام الأسد، وجبهة النصرة وتنظيم «الدولة الاسلامية» والأكراد وتسيطر مجموعة على 5% من سوريا.
وتسيطر حكومة الأسد على 45% من البلاد وربما 65 % من السكان. أما تنظيم «الدولة الاسلامية» فيسيطر على 35% ولكنه يحكم أقل من 3 ملايين نسمة. أما الأكراد فيحكمون نسبة تتراوح ما بين 8-9% والنصرة تسيطر على نسبة 5% من البلاد.
وتتوزع مئات الفصائل غير الجهادية نسبة 5% المتبقية.
ويتوقع ضعف كل القوى العربية باستثناء الأكراد حيث تخوض الولايات المتحدة حربا على الجميع: النصرة وتنظيم «الدولة الاسلامية» فيما تقوم بمعاقبة الأسد. ورغم خطط الولايات المتحدة لتدريب المعارضة المعتدلة وتسليحها لكن لا تبدي حماسا أو تشعر بحالة طارئة تدعو للبدء به.
ولأن كل القوى المشاركة في التحالف ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» منقسمة حول الأهداف فهذا يترك كل مناطق السلطة في سوريا في حالة من الضعف والتدمير بدون أن يكون هناك منظور لبنائها. وبناء عليه فستضعف قوة الأسد والنصرة و تنظيم «الدولة الاسلامية» في عام 2015.
وبالنسبة للجيش السوري الحر فلم يعد مهما وبعض فصائله تتلقى أوامر من الجهاديين. فيما أجبر الناشطون والمتعلمون الذي قادوا الانتفاضة للوقوف على السياج والتفرج. ويمكن تفسير هذا بأن القوى الليبرالية كانت صغيرة ولم تستطع الوقوف أمام القوى الجهادية، أو أنها كانت ضحية لنظام الأسد الذي دمرها لصالح الجهاديين في محاولة لإجبار العالم على الاختيار بينه أو القاعدة.
وفي هذا السياق شهد العام الماضي تعزيزا لسلطة النظام في المدن من حمص والقلمون وحلب فيما خسر الريف، لكنه خسر مناطق في الجولان وإدلب ودرعا ومنطق الجزيرة.
مما يظهر قاعدة الدعم للأسد والمتركزة في المدن.
وفي الوقت الذي بدأ فيه عام 2014 بقيام النصرة بدحر تنظيم «الدولة الاسلامية» وإخراجه من الشمال فإنه انتهى بالنصرة وهي تقوم بطرد الجماعات غير الجهادية من ريف إدلب، ومحاولة المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا الترويج لخطته من أجل وقف إطلاق النار المحلي في حلب. وشهد العام نفسه ولادة عدد من الدويلات والإمارات، «الخلافة» في الشرق والنصرة في شمال البلاد ورجوفا الكردية في شمال شرق سوريا.
وقد استفاد الأكراد من الحرب على تنظيم «الدولة الاسلامية» وقووا وجودهم في عفرين والجزيرة إضافة لعين العرب/كوباني.
كل هذا يعني استمرار الحرب خاصة أن القوى العظمى مصممة على تقديم الدعم لوكلائهم السوريين. وفي الوقت الذي انتهت فيه الحروب الأهلية بالمنطقة بتدخل أجنبي كما في لبنان والعراق إلا أن أحدا لا يريد التدخل في سوريا- على الأقل في الوقت الحالي.
ويرى لانديز أن عام 2014 كان عام تنظيم «الدولة الاسلامية» باقتدار ولكن عام 2015 سيكون العام الذي سيضعف فيه التنظيم إن لم يدمر.
إعداد إبراهيم درويش:
december 30, 2014
لندن ـ «القدس العربي» إعداد إبراهيم درويش: ما هي توقعات العام المقبل 2015 وأهم الأحداث التي ستكون على أجندة الساسة في العالم؟ اسئلة يطرحها الباحثون في مراكز البحث «ثينك تانك» التي تؤثر على صناعة القرار العالمي.
وبحسب جيمس ليندزي، نائب مدير البحث في «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكي، فسيكون العام المقبل عام اضطرابات حيث تتواصل فيه نزاعات عام 2014 من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط فيما يجب عدم تجاهل المشاكل الاقتصادية في أوروبا والصين واليابان.
وحذر من صعود قوة حزب يميني مستقل في الانتخابات البريطانية المقبلة. ومن بين المصاعب التي تنتظر العالم في مقبل الأيام آثار قرار الولايات المتحدة إعادة العلاقات مع كوبا بعد أكثر من نصف قرن نزاع يعطي أملا خاصة بعد رفع قرار حظر التبادل التجاري مع هافانا.
وأشار ليندزي لنقاط النزاع الساخنة التي ستظل في عناوين الأخبار وهي بالإضافة لأوكرانيا، التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين خاصة ما حدث في الصيف الماضي حول الأماكن المقدسة في القدس، وتداعيات سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على شرق سوريا وشمال العراق، بالإضافة للنقاط الساخنة التي تشتعل ثم تختفي في بحر الصين الجنوبي، وكوريا الشمالية والتوتر المستمر بين الهند والباكستان.
ويترافق هذا مع حالة من القلق الاقتصادي في أوروبا واليابان والتي قد تقود لفترة كساد عام. وتعاني الصين من بطء في النمو الاقتصادي أما الدول المنتجة للنفط من روسيا إلى نيجيريا وفنزويلا فتئن تحت وطأة تراجع أسعار النفط.
ويعتقد ليندزي أن النقطة المضيئة الوحيدة في العالم هي الولايات المتحدة والسؤال يظل فيما إن كانت قادرة على مواصلة النمو الاقتصادي، خاصة بعد نتائج الانتخابات النصفية وفوز الجمهوريين فيها.
العراق لا يريد تركنا
وفي الوقت الذي يرى فيه ليندزي مسار العلاقات الأمريكية – الروسية في أدنى حالاتها إلا أنه يرى أن البلدين تعاونا في عدد من الملفات مثل أفغانستان والملف النووي الإيراني ومع ذاك فتعيش العلاقات أسوأ حالاتها منذ الحرب الباردة.
ويشير إلى استمرار تخفيض القوات الأمريكية في أفغانستان وعودتها من جديد إلى العراق تعني أن البلدين لن يختفيا من أجندة السياسة الأمريكية. فالولايات المتحدة ستواصل جهودها في تدريب القوات الأفغانية رغم أن مستقبل البلاد سيظل على المحك، في ظل مخاوف من عودة طالبان.
وبالنسبة للعراق فقد حاول الرئيس باراك أوباما الحفاظ على وعده الذي خاض الانتخابات الرئاسية بناء عليه عام 2008 وهو سحب القوات الأمريكية من العراق. في الوقت الذي سحب فيه القوات عام 2011 إلا أن «العراق لا يريد تركنا».
وفيه يواجه الرئيس أوباما كما يقول ليندزي «التحدي الأصعب» فهو «مهتم بما يجري في العراق، خاصة التحدي بعيد المدى الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الوقت نفسه فهو متردد في الالتزام الكامل بالحرب وإرسال قوات برية.
وبناء عليه فنحن نعتمد على استرتيجية تمزج بين المستشارين العسكريين والغارات الجوية لإضعاف وتدمير قدرات تنظيم الدولة، وليس من الواضح أن هذه الاستراتيجية قد أثمرت ثمارها سريعا. ومن هنا تحاول استراتيجية الإدارة دفع أصدقائنا في المنطقة إلى القيام بجهود أكثر».
ويشير ليندزي لملمح مهم في الحملة ضد تنظيم الدولة وهو «الدور الذي تلعبه إيران في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية مما يجعل كل من الولايات المتحدة وإيران حلفاء فعليين في المعركة ضد تنظيم الدولة».
أفكار للمرحلة المقبلة
وبناء على هذا الواقع الجديد في العراق يرى السفير الأمريكي السابق في بغداد جيمس جيفري أن على الولايات المتحدة البدء بالتفكير في الخطوة المقبلة أو مرحلة ما بعد تنظيم الدولة.
ففي مقالة نشرها المعهد اليمني المعروف، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، يقول «بدأت المعركة ضد الدولة الإسلامية ويؤكد المسؤولون في واشنطن إنها ستكون معركة طويلة الأمد حتى في ظل الأولوية التي توليها إدارة أوباما للجبهة العراقية.
ومع ذلك فالنجاحات التي حققتها قوات البيشمركة والقوات الفدرالية التي تقودها الحكومة في بغداد تشير لتراجع في تقدم الجماعة الجهادية ومن المتوقع أن تؤدي إلى احتوائها وطردها في النهاية من تكريت والفلوجة والموصل».
وكما يحدث في أي عملية عسكرية فعندما تصبح للولايات المتحدة اليد العليا تتعاقب بعد الانتصارات تماما كما حدث مع تنظيم الدولة.
ويقول جيفري إن نجاحات التحالف لو استمرت فستؤدي لتدمير التنظيم كقوة مهمة في العراق، هذا في حالة توصلت الإدارة لإجابة عمن «سيقدم القوات البرية».
ومن الخيارات المطروحة، دمج 12 كتيبة من قوات الجيش العراقي والبيشمركة بعد تسليحها وتدريبها من جديد إلى جانب عناصر من العشائر السنية في «الحرس الوطني» إضافة لحضور أمريكي قوي في المواقع المتقدمة. وعندها يكون مناسبا البدء في التفكير لما سيحدث بعد.
ويجب على الولايات المتحدة تمتين انتصارها في العراق إن أرادت التقدم في سوريا ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» هناك، وضد الجهود الإيرانية المحتملة للاستفادة من النكسات التي سيتعرض لها التنظيم في العراق، وضد النزاعات الدينية التي ظلت تلاحق الدولة العراقية.
ومن أجل تمتين النجاح يقدم جيفري عددا من النقاط. الأولى تدعو الإدارة عدم التركيز على عملية مكتملة بدرجة تؤدي إلى تقويض فرص نجاحها، ففي الوقت الذي يعتبر فيه مشروعا الحديث عن كيفية إنهاء الخطر كما تساءل الجنرال ديفيد بترايوس عام 2003 «قل لي كيف ينتهي كل هذا؟» لكن سؤالا كهذا قد يؤدي لتعويق الحملة التي في طابعها ذات كلفة قليلة وبعدد قليل من الجنود وبدون ضحايا.
ويرتبط بهذه النقطة أمر ثان وهو أن الحملة العسكرية هي في حد ذاتها ليست وسيلة ولكنها نهاية. فالحرب ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» عملية ضرورية، فوقف تقدمه في العراق وسوريا سيؤدي لتشكيل الخيارات السياسية فيما بعد.
مشيرا لما قاله الرئيس أوباما في خطابه في أكاديمية «ويست بوينت» في أيار/مايو الماضي والذي قال فيه أن كل الأزمات لا تقتضي بالضرورة حلا عسكريا.
ويحذر جيفري قائلا أن أي حل سياسي يجب أن لا يكون مرتكزا على تحويل المنطقة ووقف تمردات على غرار التمرد الذي شنه تنظيم «الدولة الاسلامية» بل على مواصلة أمريكا دورها في دعم حلفائها والتصدي للإرهاب وحماية تدفق الطاقة ـ الغاز والنفط – وهذا عدا محاولة حل مشاكل المنطقة، فهي معقدة.
فقد حاولت واشنطن فعل هذا في مناطق تترواح من بيروت إلى مقديشو وعلى قاعدة واسعة في العراق وأفغانستان بنتائج أقل ما توصف بأنها ليست مرضية.
ويشير هنا إلى تحليل هنري كيسنجر في كتابه الجديد «النظام العالمي» والذي أشار فيه إلى ضعف بنية الدولة التي قام عليها النظام الغربي في الشرق الأوسط نتيجة للجذور الوطنية الهشة والهويات المحلية والدولية المتنافسة بما فيها حركات القومية العربية والجماعات الدينية القيامية مثل آيات الله في إيران وتنظيم «الدولة الاسلامية».
وهناك شك في داخل المجتمعات الغربية حول نقل التجارب الديمقراطية للمنطقة فيما تعارض قطاعات دينية واسعة تبني الأفكار الغربية عن الحكم.
أهل مكة أدرى بشعابها
وعليه، فأهل المنطقة هم أولى بحل مشاكلهم لا الغرب وفي مقدمته أمريكا. ويرى جيفري أن هذه النقطة تصلح في كل مكان في العالم لكنها أكثر صلة بالشرق الأوسط إن أخذنا عمق واتساع المشاكل التي تؤثر على النظام الداخلي فيه.
فالحداثة الاجتماعية الناشئة في ظل بنى وطنية ضعيفة تخلق مشاكل ضخمة يمكن للغرب المساعدة في حلها، ولكن بدون «صحوة» داخلية وبعيدة عن الحس القيامي وباتجاه بناء قيم سياسية مثل تلك التي تنتشر في بقية العالم لن يحدث تغيير أساسي على الواقع في المنطقة.
ودعا الكاتب الولايات المتحدة لتجنب القيام بعمليات فرض استقرار تقوم بها القوات الخاصة. فتجارب الولايات المتحدة في هذا السياق من فيتنام وما بعدها تعطي صورة عن نجاحات متفاوتة ومثيرة للتساؤل. حتى في الحالات التي لم يتعامل فيها السكان المحليون مع الأمريكيين كقوة محتلة، وتعاونت الدول الجارة لهم، وأظهر الأمريكيون صبرا.
ورغم هذا يرى الكاتب أن وجودا أمريكيا في المنطقة بما فيه العسكري ضروري من أجل التأكيد على النجاح في المدى البعيد. فمع ان الحل السياسي في العراق وسوريا، وإن كان صعبا في الوقت الحالي،إلا أنه ضروري لهزيمة تنظيم «الدولة الاسلامية».
وتتبع هذا سلسلة من الإصلاحات السياسية ولامركزة في الدولة ومشاركة عادلة في السلطة وتوزيعا عادلا للثروة.
ويشير لنجاح التجربة العراقية – الكردية ولكن توسيعها لتشمل المناطق السنية في العراق وإلى سوريا يقتضي تغيرا في الثقافة. وفي الوقت الذي تحتاج فيه هذه الترتيبات لغطاء من الأمم المتحدة إلا أن القوة العسكرية الضرورية لتأمينها يجب أن تأتي من الولايات المتحدة. مما يعني بقاء قوة أمريكية محدودة في العراق وبشكل محتمل في سوريا.
لا حل في سوريا
وتفترض أفكار جيفري نظاما للحل يسير حسب الخطة، وقد تكون قابلة للتطبيق في العراق، لكن في سوريا تبدو صعبة، في ظل القوى التي تتجاذب مصير سوريا، داخلية وخارجية، ومن هنا يرى جوشوا لانديز، الباحث المتخصص في شؤون سوريا والأستاذ بجامعة أوكلاهوما، ومحرر «سيريا كومنت» في توقعاته للواقع السوري أن سوريا ستتفكك أكثر في عام 2015. ويتوقع «صوملة» للبلاد طالما ظل المجتمع الدولي يضعف مراكز القوة في البلاد وفشلت المعارضة بالوحدة.
ويرى أن سوريا اليوم فيها أربع قوى ممثلة بنظام الأسد، وجبهة النصرة وتنظيم «الدولة الاسلامية» والأكراد وتسيطر مجموعة على 5% من سوريا.
وتسيطر حكومة الأسد على 45% من البلاد وربما 65 % من السكان. أما تنظيم «الدولة الاسلامية» فيسيطر على 35% ولكنه يحكم أقل من 3 ملايين نسمة. أما الأكراد فيحكمون نسبة تتراوح ما بين 8-9% والنصرة تسيطر على نسبة 5% من البلاد.
وتتوزع مئات الفصائل غير الجهادية نسبة 5% المتبقية.
ويتوقع ضعف كل القوى العربية باستثناء الأكراد حيث تخوض الولايات المتحدة حربا على الجميع: النصرة وتنظيم «الدولة الاسلامية» فيما تقوم بمعاقبة الأسد. ورغم خطط الولايات المتحدة لتدريب المعارضة المعتدلة وتسليحها لكن لا تبدي حماسا أو تشعر بحالة طارئة تدعو للبدء به.
ولأن كل القوى المشاركة في التحالف ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» منقسمة حول الأهداف فهذا يترك كل مناطق السلطة في سوريا في حالة من الضعف والتدمير بدون أن يكون هناك منظور لبنائها. وبناء عليه فستضعف قوة الأسد والنصرة و تنظيم «الدولة الاسلامية» في عام 2015.
وبالنسبة للجيش السوري الحر فلم يعد مهما وبعض فصائله تتلقى أوامر من الجهاديين. فيما أجبر الناشطون والمتعلمون الذي قادوا الانتفاضة للوقوف على السياج والتفرج. ويمكن تفسير هذا بأن القوى الليبرالية كانت صغيرة ولم تستطع الوقوف أمام القوى الجهادية، أو أنها كانت ضحية لنظام الأسد الذي دمرها لصالح الجهاديين في محاولة لإجبار العالم على الاختيار بينه أو القاعدة.
وفي هذا السياق شهد العام الماضي تعزيزا لسلطة النظام في المدن من حمص والقلمون وحلب فيما خسر الريف، لكنه خسر مناطق في الجولان وإدلب ودرعا ومنطق الجزيرة.
مما يظهر قاعدة الدعم للأسد والمتركزة في المدن.
وفي الوقت الذي بدأ فيه عام 2014 بقيام النصرة بدحر تنظيم «الدولة الاسلامية» وإخراجه من الشمال فإنه انتهى بالنصرة وهي تقوم بطرد الجماعات غير الجهادية من ريف إدلب، ومحاولة المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا الترويج لخطته من أجل وقف إطلاق النار المحلي في حلب. وشهد العام نفسه ولادة عدد من الدويلات والإمارات، «الخلافة» في الشرق والنصرة في شمال البلاد ورجوفا الكردية في شمال شرق سوريا.
وقد استفاد الأكراد من الحرب على تنظيم «الدولة الاسلامية» وقووا وجودهم في عفرين والجزيرة إضافة لعين العرب/كوباني.
كل هذا يعني استمرار الحرب خاصة أن القوى العظمى مصممة على تقديم الدعم لوكلائهم السوريين. وفي الوقت الذي انتهت فيه الحروب الأهلية بالمنطقة بتدخل أجنبي كما في لبنان والعراق إلا أن أحدا لا يريد التدخل في سوريا- على الأقل في الوقت الحالي.
ويرى لانديز أن عام 2014 كان عام تنظيم «الدولة الاسلامية» باقتدار ولكن عام 2015 سيكون العام الذي سيضعف فيه التنظيم إن لم يدمر.
إعداد إبراهيم درويش:
from منتديات السعودية تحت المجهر
0 التعليقات: